النهي التنزيهي عن فرد لا ينافي الرخصة الضمنية المستفادة من إطلاق الأمر فلا يكون بينهما معارضة ليقيّد به إطلاق الأمر ، نعم لو تعلّق النهي التنزيهي بذات ما يكون عبادة لكان لدعوى اقتضائه الفساد مجال من جهة انّ ما يكون مرجوحاً ذاتاً لا يصلح أن يتقرّب به ، إلا أنّ النواهي التنزيهية الواردة في الشريعة المتعلّقة بالعبادات لم تتعلّق بذات العبادة على وجه يتّحد متعلّق الأمر والنهي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من عدم اقتضاء النهي التنزيهي فساد العبادة وإن كان حقاً ، لكنه لا يوجب خروجه عن محلّ النزاع ، إذ يمكن أن يتوهم أنّ النهي كاشف عن عدم المطلوبية أو الحزازة ، وهما لا يجتمعان مع التقرّب.
والحاصل : انّ كون الفساد على خلاف التحقيق أمر ، وكونه غير داخل في محط النزاع شيء آخر ، والكلام في الدخول وعدمه إنّما هو قبل التحقيق وبيان الحال لا بعده ، وما ذكره راجع إلى ما بعد التحقيق.
إلى هنا تمّ ما ذكره صاحب الكفاية والمحقّق النائيني ، بقي هنا أقسام لم يشر إليها المحقّق الخراساني وهي :
١. النهي الإرشادي.
٢. النهي التشريعي.
٣. النهي التخييري في مقابل التعييني.
أمّا الأوّل : فتارة يكون إرشاداً للفساد ، كقوله : « لا تبع ما لا يملك » ؛ وأُخرى يكون إرشاداً إلى المانعية ، كقوله : « لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه ». من غير فرق بين أن تفسّر المانعية بأخذ قيد عدمي في المأمور به ، أو بضدية الشيء المنهي عنه مع الصلاة وانّهما لا يجتمعان ، وبما أنّ النهي الإرشادي بكلا قسميه سواء كان
____________
١. الفوائد الأُصولية : ١ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦.