فإنّ جريان الماء واسطة لنسبته إلى الميزاب ، فلا يكون ذو الواسطة ( الميزاب ) موصوفاً حقيقة بالجريان وإنّما ينسب إليه مجازاً وبالعرض ، بإعطاء حكم الحالّ للمحلّ ، فيكون النهي الناجم من هذه النواهي ، المتعلّق بنفس العبادة ، نهياً مجازيّاً لا حقيقياً ، فلا يزيد حكمه على حكم الواسطة.
وإذا كانت الواسطة ، واسطة في الثبوت كوساطة النار لعروض الحرارة على الماء ، يكون ذو الواسطة ( الماء ) موصوفاً بالحرارة حقيقة ، لا مجازاً ، فيكون النهي المتولّد من هذه النواهي نهيّاً حقيقياً متعلّقاً بالمباشرة بالعبادة فيدخل في قسم النهي عن ذات العبادة الذي سيوافيك بيانه.
ثمّ إنّ هذه الأقسام الخمسة متصوّرة في النهي عن المعاملة ، فتارة يتعلّق النهي بجزء المعاملة ، وأُخرى بشرطها وهكذا ... ، ولكنّها فروض لا مصداق لها في الخارج وكلّها مبتنية على كون أسماء المعاملات ، أسماء للأسباب المركّبة ، لا للمسببات البسيطة كالملكية في البيع.
إذا عرفت ذلك فلنعد إلى ما هو المقصود من عقد هذا الفصل ، أعني :
١. تعلّق النهي بنفس العبادة.
٢. تعلّق النهي بنفس المعاملة.
فيقع الكلام في مقامين.
الأوّل : تعلّق النهي بالعبادة
إذا تعلّق النهي بالعبادة ، فهو إمّا مولوي ، وإمّا إرشادي. والمولوي إمّا ذاتي أو تشريعي ، فتصير الأقسام ثلاثة ، وإليك بيان أحكامها :