نعم ، ليس المنطوق ولا المفهوم من أوصاف المعنى بما هو هو ، بل من أوصاف المعنى إذا وقع في إطار الدلالة حتى صار مدلولاً ، وهذا بخلاف الكلية والجزئية فانّها من صفات المعنى بما هو هو ، وإن لم يقع في إطار الدلالة.
ومن هنا يعلم أنّ أوصاف المفهوم على قسمين ، قسم وصف له بما هو هو ، كما مثّلنا بالكلية ، وقسم وصف له بما انّه مدلول بإحدى الدلالات فلاحظ.
الثاني : تعريف المفهوم
عرّف الحاجبي ( المتوفّى ٦٤٢ هـ ) المفهوم ما دلّ عليه اللفظ في غير محل النطق والمنطوق ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق.
ثمّ إنّ العضدي ( المتوفّى ٧٥٧ هـ ) شارح مختصر الحاجبي قال بأنّ المراد من الموصول ( ما ) هو الحكم ، فهو إن كان محمولاً على موضوع مذكور فهو منطوق ، وإن كان محمولاً على موضوع غير مذكور فهو مفهوم. ثمّ قال : إنّ قوله : « في محلّ النطق » إشارة إلى المنطوق بما انّ الموضوع مذكور فيه ، كما أنّ قوله : « لا في محل النطق » إشارة إلى المفهوم لعدم ذكر الموضوع في محله. (١)
يلاحظ على ذلك التفسير بأنّ الفارق بين المنطوق والمفهوم ليس هو ذكر الموضوع في الأوّل ، وعدمه في الثاني ، بل الموضوع مذكور في كلتا القضيتين ، وإنّما الاختلاف في وجود القيد في المنطوق وعدمه في المفهوم وبالتالي اختلاف القضيتين في الكيف أي الإيجاب والسلب ، فإذا قلنا : إن سلّم زيد أكرمه ، فالموضوع هو زيد لكنّه في صورة التسليم يحكم عليه بالإكرام ، وفي صورة عدمه بعدمه.
__________________
١. منتهى الوصول والأمل المعروف بمختصر الحاجبي : ١٤٧ ، ونقل الشيخ الأعظم كلام العضدي في مطارح الأنظار : ١٧٢ ، الطبعة الحجرية.