نفس الكلام ، حكايته لمعناه ، ومن خصوصياته ، دخالتها في المطلوب ، فإذا قال المولى : إن جاءك زيد فأكرمه ، حَكَمَ العقلاءُ بمدخلية مجيء زيد في وجوب إكرامه قائلاً بأنّه لولا دخله فيه لما ذكره المتكلّم ، وكذا سائر القيود ، وعلى ذلك فاستفادة المفهوم ليست مبنيّة على دلالة الجملة على الانتفاء عند الانتفاء ، بل مبني على أنّ الأصل في فعل الإنسان أن لا يكون لاغياً ، بل يكون كلّ فعل منه ، ومنه الإتيان بالقيد صادراً لغايته الطبيعية وهو دخله في الحكم.
وأمّا مسلك المتأخّرين فهو مبنيّ على دلالة الجملة وضعاً أو إطلاقاً على كون الشرط أو الوصف علّة منحصرة للحكم فيرتفع الحكم بارتفاعه ، وعلى ذلك يكون البحث عند القدماء عقلياً ، وعند المتأخّرين لفظيّاً. (١)
إنّ ما نسبه سيّدنا الأُستاذ إلى القدماء لم أقف عليه صريحاً في كتب القدماء إلا في الذريعة للشريف المرتضى ، قال : استدلّ المخالف لنا في هذه المسألة بأشياء. (٢)
منها : انّ تعليق الحكم بالوصف لو لم يدل على انتفائه إذا انتفت الصفة لم يكن لتعليقه بالصوم معنى وكان عبثاً.
ومع ذلك فقد استدلّ بأُمور أُخرى غالبها يرجع إلى التبادر أو قياس الوصف بالاستثناء ، أو قياس الوصف بالشرط ، ولذلك استدلّ المخالف بالوجوه التالية أيضاً :
١. انّ تعليق الحكم بالسوم يجري مجرى الاستثناء من الغنم ، ويقوم مقام قوله : « ليس في الغنم إلا السائمة ، الزكاةُ » فكما أنّه لو قال ذلك لوجب أن تكون
__________________
١. نهاية الأُصول : ٢٦٥.
٢. يريد بالمخالف ، القائل بالمفهوم.