يلاحظ عليه أوّلاً : بعدم الملازمة بين كون الأسباب الشرعية معرّفات وبين كونها معرّفات لشيء واحد ، إذ من المحتمل أن يكون كلّ كاشفاً عن سبب مستقل ، فيكون حكم المعرِّف ، حكم كونه موضوعاً وسبباً.
وثانياً : أنّ تعدد الأسباب الشرعية كما أفاده المحقّق الخراساني ، ليس إلا كالأسباب العرفية في كونها معرفات تارة ، ومؤثرات أُخرى.
أمّا السبب الشرعي فتارة يكون علّة للحكم الشرعي ودخيلاً في ترتّب الحكم الشرعي ، كما في قوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (١) ، وقوله : إذا شككت فابن على الأكثر ؛ وأُخرى كاشفاً عن السبب ، كعبور الحمرة إلى جانب المغرب ، الكاشف عن استتار القرص كاملاً.
ومثلها ، الأسباب العرفية فهي أيضاً على قسمين فتارة تكون علّة ـ كما في قولك : إذا طلعت الشمس كان النهار موجوداً ـ وأُخرى يكون أمارة على حدوث الموضوع وكاشفاً كما إذا قلنا : إذا كان النهار موجوداً كانت الشمس طالعة.
فليست الأسباب الشرعية ، معرفات مطلقاً ، ولا الأسباب العرفية عللاً مطلقاً بل ينقسمان إلى قسمين. (٢)
الثاني : التفصيل بين وحدة الأسباب جنساً وعدمها
وهناك تفصيل آخر لابن إدريس وهو التفصيل بين ما كان السبب من جنس واحد كتكرر وطء الحائض ، أو من أجناس متعددة كزيادة العمل والذكر في الصلاة ، فاختار في الأوّل التداخل دون الثاني.
__________________
١. الإسراء : ٧٨.
٢. لاحظ الكفاية : ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩.