وانّه ليس في المقام إلا وجوب واحد فلا موضوع للبحث عن تداخل المسببات وعدمه ، لوضوح انّ التكليف الواحد ، لا يقتضي إلا امتثالاً واحداً ، ويكون الإتيان بفرد من أفراد الطبيعة ، مسقطاً قطعاً ، فالبحث في الموضع الثاني مبنيّ على ظهور القضية الشرطية في استقلال تأثير كلّ شرط ، وانّ أثر كلّ غير أثر الآخر.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الكلام يقع تارة في مقام الثبوت ، أي إمكان تداخل المسببات وعدم إمكانه ، وأُخرى في مقام الإثبات ، وما هو مقتضى الأدلّة.
١. إمكان التداخل ثبوتاً وعدمه
ذهب الشيخ الأعظم إلى امتناع التداخل وقال : قد قرّرنا فيما تقدّم انّ متعلّق التكاليف هو الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الأوّل ولا يعقل تداخل فردين من ماهية واحدة ، بل ولا يعقل ورود دليل على التداخل أيضاً على ذلك التقدير إلا أن يكون ناسخاً لحكم السببية. (١)
يلاحظ عليه : بما سبق في المقام الأوّل وهو انّ إيجاد التكثّر في جانب الجزاء ، لتصحيح تعلّق وجوبين بطبيعة واحدة ، رهن التصرّف في جانب الجزاء بأحد وجهين :
الأوّل : تقييد متعلّق الوجوب في إحدى القضيتين الشرطيتين بلفظة « آخر » فيكون وزانُ القضيتين وزانَ قولنا : إذا نمت فتوضأ وإذا بلت فتوضأ وضوءاً آخر.
الثاني : تعلّق كلّ من الجزاء ( وجوب الوضوء ) بشرطه بأن يقال : إذا بلت فتوضّأ وضوءاً مسبباً من النوم ، أو البول.
فما ذكره الشيخ إنّما يتمّ على الوجه الأوّل وتكون النسبة بين الموضوعين ، هو
__________________
١. مطارح الأنظار : ١٨١.