يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ البحث في المقام من التداخل وعدمه حول مقتضى الأدلّة الاجتهادية وليس الكلام في مقتضى الأُصول العملية ، فالاستدلال بالأصل مع إمكان الاستدلال بالدليل الاجتهادي ، غير تام.
وثانياً : أنّه لم يعلم الفرق بين المقام ومسألة العموم والخصوص من وجه الذي استثناه من الضابطة ، إذ لو كان المعتبر عند العقل في تحقّق الامتثال ، الإتيان بما ينطبق عليه متعلّق الأمر خارجاً ، فيجب القول بالتداخل في المقام ، لأنّه ينطبق على الوضوء الواحد عنوان التوضّؤ المأخوذ في كلا الجزاءين ، إذ المفروض أنّ الجزاء عبارة عن قوله : « يجب عليك الوضوء الناشئ من جانب البول أو النوم ». فالتداخل عندئذ يكون مقتضى القاعدة من دون حاجة إلى دليل خارجيّ كما هو ظاهر كلامه.
حجّة القائل بالتداخل
احتجّ القائل بالتداخل بأنّه إذا كان ما به الامتثال مصداقاً لكلا العنوانين ، كالإكرام والضيافة ، يتلقّاه العرف امتثالاً بكلا الأمرين ، نظير ما إذا أمر الطبيب رجلاً سميناً بأكل الفاكهة مكان الطعام حتّى يخفّ وزنه ثمّ أمره بأكل فاكهة خاصة لتداوي مرض خاص فيه ، فإذا أكل تلك الفاكهة بدل الطعام أيضاً ، فقد امتثل كلا الأمرين الإرشاديين ، ونظيره الأمران المولويان.
هذه هي الضابطة في المقام إلا إذا قامت قرينة على تعدّد الامتثال ، كما في الأمثلة التالية :
١. إذا ورد النص على نزح سبع دلاء عند وقوع كلّ من الفأرة في البئر ، وبول الصبي الذي لم يبلغ فوقع كلّ بعد الآخر ، فلا يكفي نزح سبع دلاء مرّة