غرض إلى غرض ، وهذه الحقيقة لا تنفك عن لفظة بل ، قال سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَياةَ الدُّنيا ). (١)
٢.لو تلاها جملة فهي حرف ابتداء كما في الآية المتقدمة وليست بعاطفة ، وإن تلاها مفرد فهي عاطفة كما سيوافيك أمثلته.
٣. ثمّ إنّ لفظة « بل » تارة تنقل حكم المعرض عنه إلى المدخول بعينه ، وأُخرى تنقل ضدّه ، وهذا ممّا لا بدّ للفقيه من معرفة موارده.
فإن تقدّمها جملة خبرية إيجابية أو جملة إنشائية ، فعندئذ تنقل حكم الأوّل إلى الثاني ومع السكوت عن حكم المضرب عنه فلا يحكم عليه بشيء من النفي والإثبات كقولك : اضرب زيداً بل عمراً ، وقام زيد بل عمر ، وإلى تلك الضابطة يشير ابن مالك في منظومته ويقول :
وانقل بها للثاني حكم الأوّل |
|
في الخبر المثبت والأمر الجلي |
وإن تقدمها نفي أو نهي فهي لتقرير ما قبلها على حالته مع جعل ضدّ ما سبق لما بعدها نحو قوله : ما قام زيد بل عمرو ، أي : بل قام عمرو ، ولا تضرب زيداً بل عمراً ، أي : بل اضرب عمراً. (٢)
هذه هي القواعد الكلية في تلك اللفظة وعند ذاك تصل النوبة إلى البحث عن إفادتها الحصر فقد اختلفت الأقوال كالتالي :
١. لا تفيد الحصر مطلقاً ، ونسب إلى الحاجبي.
٢. تفيد الحصر مطلقاً ، ونسب إلى الزمخشري.
____________
١. الأعلى : ١٤ ـ ١٦.
٢. المغني ، باب الحروف. ( حرف بل ) ، ج ١ ، ص ١٥١ ، ط ٥ ؛ بيروت ١٩٧٩ م.