أمّا الجهة الأُولى : ـ أي رتبة ـ فانّ الموضوع في رتبة سابقة على الحكم ، والحكم متأخر عنه رتبة وتصوراً ، فكيف يكون الحكم المتأخّر سبباً لانقسام الموضوع إلى أقسام ثلاثة.
لا أقول : إنّ ذلك مستلزم للدور بتوهم « انّ الحكم متوقّف على الموضوع والموضوع حسب انقسامه إلى أقسام ثلاثة متوقّف على الحكم ».
وذلك لأنّ امتناع الدور يختص بالأُمور التكوينية لا الاعتبارية ، ولكنّه على خلاف الضابطة في الأُمور الاعتبارية بأن يكون المتأخّر ـ أي الحكم ـ سبباً لانقسام المتقدّم رتبة.
وأمّا الجهة الثانية ـ أي ملاكاً ـ فانّ انقسام الحكم إلى أقسام ثلاثة رهن وجود مصالح مختلفة للموضوع ، حيث إنّ المصلحة تارة تكون قائمة بكلّ فرد فرد من أفراد العام ، فيأمر بإكرام كلّ واحد على سبيل الاستقلال.
وقد تكون المصلحة قائمة بإكرام المجموع بحيث لو تخلّف واحد منهم لما حصل الغرض الداعي.
وثالثة تكون قائمة بإكرام فرد من أفراد الموضوع على سبيل البدل فيأمر بإكرامه كذلك ، فملاك الانقسام إلى الأقسام الثلاثة حاصل قبل تعلّق الحكم ، فلابدّ أن يكون الانقسام باعتبار الموضوع الحامل للملاك ، لا الحكم المتعلّق بحامل الملاك.
وأمّا الجهة الثالثة : ـ أعني : وضعاً ـ فانّ الوضع يتبع الغرض ، فربما يتعلّق الغرض ببيان كون الموضوع كلّ فردمن الأفراد أو مجموعهم أو واحد منهم موضوعاً للحكم ، فيجب أن يوضع لما يتعلّق به الغرض ، لفظ خاص ، وقد أشرنا إلى بعض الألفاظ الموضوعة للأقسام الثلاثة ، فلاحظ.
ولنأت بمثال لأجل إيضاح أحكام الأقسام الثلاثة :