إلى إمكان توجيه خطاب إليه لغاية التفهيم والتفهم ، وقد صرّح المحقّق الخراساني بامتناعه قائلاً : بأنّه لاريب في عدم صحّة خطاب المعدوم ، بل الغائب حقيقة وعدم إمكانه ضرورة عدم تحقّق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة ، إلا إذا كان موجوداً بحيث يتوجّه إلى الكلام ويلتفت إليه. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ امتناع تكليف المعدوم كامتناع خطابه من باب واحد ، فلو أمكن تكليف المعدوم عن طريق القضية الحقيقية ، يمكن توجيه الخطاب إليه عن هذا الطريق.
توضيحه : أنّه إن أُريد من امتناع خطاب المعدوم والغائب ، الخطاب الشفهي والخطاب الحدوثي فهو أمر مسلم ، فإنّ الخطاب الشفهي قائم بمخاطِب ومخاطَب والمفروض كون المخاطب معدوماً أو غائباً.
وأمّا لو أُريد من الخطاب هو وجوده الاستمراري ( إذا كان له في نظر العقلاء استمرار وبقاء ) فهو من الإمكان بمكان ، وعندئذ فالمخاطِب له بقاء بملاحظة بقاء خطابه والمخاطَب حاضر لا غائب ولا معدوم ، وعندئذ تكتمل أركان الخطاب.
والحاصل : انّ من قال بالامتناع نظر إلى الخطاب بوجوده الحدوثي الزائل وغضّ النظر عن أنّ للخطاب نوع بقاء عند العقلاء في الصدور والألسن أوّلاً ، والرسائل والكتب ثانياً ، والأشرطة والأقراص المضغوطة ثالثاً ، ولأجل ذلك نرى أنّ الرؤساء يوجهون خطابهم للأجيال الحاضرة والغائبة ، ولا يخطر على بالهم أنّ الخطاب الحقيقي لا يمكن توجيهه إلى الغائب والمعدوم ، وما ذلك إلاّ لأنّهم يرون أنّ لخطاباتهم بقاءً في القلوب والصدور ، والألواح والكتب
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٥٦.