خطاباته ، وهذا النوع من الغاية لاينفك عن كون خطاباته حقيقية.
وربما تُتخذ نظرية كون الخطابات إنشائية ذريعة لتصحيح ما نقل عن بعض متكلّمي المسيحيّين من أنّ بعض ما ورد في القرآن من القصص والقضايا تمثيلات وأُمور رمزية ليست لها حقائق وواقعيات سوى تقريب المعارف ، فإبليس وآدم وحواء والجنة رموز لأهداف تربوية في لباس الحكاية.
الثالث : نفترض انّ أداة النداء وضعت للخطاب الحقيقي ولكنّه لا يكون سبباً لاختصاص ما وقع بعده من العنوان ، للحاضرين ، لما عرفت أنّ للخطاب الحقيقي بقاءً في نظر العرف بأحد الأسباب ، ومعه يعمّ الخطاب وما وقع بعده للغائبين والمعدومين جميعاً.
نظرية السيد الأُستاذ
ثمّ إنّ سيدنا الأُستاذ عطف الجهة الثالثة على الجهة الثانية وبحث عنهما معاً دون أن يفصل بينهما ، واختار شمول الخطابات القرآنية لعامّة الناس إلى يوم القيامة لكن ببيان آخر ، وحاصله :
إنّ الخطابات القرآنية ليست خطابات شفاهية لفظية حتّى يقابِلُ فيها الشخصُ بالشخص ، بل هي خطابات أشبه بالخطابات الواردة في الكتب والرسائل العلمية ، فإنّ المؤلف مع أنّه يخاطب ، لا يخاطب شخصاً معيناً ، بل يخاطب كلّ من قرأ كتابه ، فهكذا القرآن لا يخاطب شخصاً خاصاً ، بل يخاطب كلّ من سمعه ، ولذلك يأمر نبيه أن يقول : ( وَأُوحِيَ إِليَّ هذا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغ ). (١)
__________________
١. الأنعام : ١٩.