ويقول سبحانه : ( شَهْرُ رَمضانَ الَّذِي أُنْزلَ فِيهِ الْقُرآنُ هُدىً لِلنّاس ). (١)
ويقول سبحانه : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذا القُرآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَل ). (٢)
إلى غير ذلك من الآيات التي تصفُ القرآن بانّه منذر لكلّ من بلغ إليه وهداية للناس عامة ، وما هذا إلا لأنّ خطاباته ليست خطابات شفوية ، بل أشبه بخطابات تحريرية لا يقصد سوى من ينطبق عليه العنوان التالي لأدوات النداء.
ويؤيد ذلك نزول الوحي وكان ينزل على قلب سيد المرسلين ولم يكن الخطاب مسموعاً لأحد من الأُمّة ، بل يمكن أن يقال بعدم وصول خطاب لفظي إلى الرسول وإنّما يجده الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في قلبه منقوشاً وموجوداً ، لقوله سبحانه : ( نَزَلَ بِِه الرُّوحُ الأَمِينُ * على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِين ). (٣)
فعلى ضوء ذلك فحساب الخطابات القرآنية غير حساب الخطابات الشفوية الشخصية التي تتبادل بين شخصين ، وعند ذلك لا مانع من أن يعم الجميع وتشمل جميع الأشخاص إلى يوم القيامة.
وإن أردت مزيداً من التوضيح فلاحظ انّ الخطابات التي يوجهها رؤساء الدول إلى شعوبهم ، خطابات حقيقية لغاية التفهيم والتفهم ولكن ليس من قبيل مخاطبة شخص لشخص ، ولذلك يعمّ الحاضر والغائب حتّى غير الموجودين.
ومع إمكان تفسير الخطابات عن هذا الطريق لا حاجة إلى التمسك بأنّ خطابات القرآن خطابات إيقاعية أو إنشائية أو من قبيل القضايا الحقيقية ، أو أنّ
__________________
١. البقرة : ١٨٥.
٢. الكهف : ٥٤.
٣. الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٤.