خطاباته مختصة بالموجودين ثمّ تعميمه بدليل آخر ، أعني قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حكمي على الأولين ، كحكمي على الآخرين » ، فانّ كلّ ذلك تطرف في الكلام والتزام بما لا يلزم.
حصيلة البحث
إنّ تعميم خطاباته سبحانه إلى الغائبين والمعدومين ، رهن صحّة أحد أُمور :
١. جعل خطاباته بل عامّة تكاليفه وإن لم يكن بصورة الخطاب من قبيل القضايا الحقيقية ، وقد عرفت أنّ للخطاب بقاءً فيعمّ التكليف ( سواء أكانت بصورة الخطاب أو غيره ) عامّة المكلّفين عبر القرون.
٢. جعل خطاباته بل مطلق ما جاء في القرآن ، من الكلام ، من قبيل خطابات المؤلّفين والواقفين والموصين ، فكلّها خطابات رسائلية ، لاشفوية ، يقصد به كلّ من وقف عليها ، سواء أكان موجوداً حين التكلّم ، أو لا لكنّه سيوجد في طول الزمان.
٣. جعل الخطابات القرآنية من قبيل الخطابات الإيقاعية والإنشائية التي ربما يقصد بها غير التفهيم ، بل الرثاء وإظهار الأسف ، فمثل ذا ، لا يتوقّف صحة خطابه على وجود المخاطب ، وقد عرفت بطلان هذا الوجه فلا نعيد إليه.
٤. هناك وجه آخر ، نقل صاحب الفصول عن بعض الحنابلة أنّ القول بوضع أداة الخطاب للحقيقي لا يلازم اختصاص خطاباته بالمشافهين ، وذلك لإحاطته بالموجود في الحال والاستقبال. (١)
يلاحظ عليه : أنّه خلط بين علمه سبحانه بالأُمور وبين فعله المتنزل إلى إطار
__________________
١. الفصول : ١٨٣.