حيث إنّ مقدمات الحكمة في كلّ تنهار بالآخر ومع عدمها لا يكون هناك إذعان بالعام وبالمفهوم ، ومثله إذا كان كلّ من العموم والمفهوم مستفاداً من الدلالة الوضعية ، فالظهور وإن كان منعقداً لكنّه يكون غير مستقر ، لأنّ كلاً قابل للتصرف في الآخر ، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدلّ على كون الشكّ في وجود الصغرى ، وهو خارج عن نطاق النزاع ، ويكون البحث مركّزاً على صورة واحدة وهو أقوائية أحدهما وأضعفية الآخر بأن يكون الأقوى وضعياً والأضعف إطلاقياً.
وأمّا التفصيل الـذي اختـاره المحقّق النائيني من شرطية كون المفهوم أخصّ مطلق من العام ، فهذا ليس شرطاً في مخصصية المفهوم ، بل هو شرط في مخصصية الخاص سواء أكان مفهوماً أو منطوقاً.
إلى هنا تبين انّ الأقوال الثلاثة الأخيرة خارجة عن نطاق البحث ، فالأولى أن يركز على شيء واحد وهو انّ كون الدلالة مفهومية هل يوجب الأضعفية وان الدلالة المنطوقية توجب الأقوائية أو لا؟ وقد عرفت عدم الفرق بينهما ، بل ربما يكون المفهوم أقوى من الآخر ، ولذلك لامانع من تخصيص العام بالمفهوم إذا حاز سائر الشرائط ، فالقول الأوّل هو المختار.
نظرية المحقّق البروجردي في المقام
ثمّ إنّ السيد المحقّق البروجردي قال : يتقدّم المفهوم على العام لأجل انّ التعارض يرجع إلى اختلاف المطلق والمقيد ، فإنّ قوله في العام : « خلق اللّه الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غيّر لونه وطعمه أو رائحته » يعطي أنّ تمام الموضوع لعدم الانفعال هو الماء ، ولكن قوله : « الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسه شيء » يعطي أنّ الماء بعض الموضوع وأمّا تمام الموضوع للاعتصام فهو الماء بقيد الكرية ، فيقدّم