وَقالَ مُوسى لأخيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدين ). (١)
إنّه سبحانه لمّا واعد موسى ثلاثين ليلة ، كلّم بما وعده اللّه سبحانه قومه الذين صحبوه إلى الميقات ، فلمّا طوى موسى عليهالسلام ثلاثين ليلة أُمر بإكمال أربعين ليلة.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في تفسير الآية : أنّ موسى قال لقومه : إنّ ربّي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هارون فيكم ، فلمّا فصل موسى إلى ربّه زاده اللّه عشراً ، فكانت فتنتهم في العشر التي زاده اللّه. (٢)
فكان هناك إخباران :
الأوّل : بانّه يمكث في الميقات ثلاثين ليلة ، ثمّ نسخه خبر آخر بأنّه يمكث أربعين ليلة ، وكان موسى صادقاً في كلا الإخبارين ، حيث كان الخبر الأوّل مستنداً إلى جهات يقتضي إقامة ثلاثين ليلة ، لولا طروء ملاك آخر يقتضي أن يكون الوقوف أزيد من ثلاثين.
هذه جملة الحوادث التي تنبّأ أنبياء اللّه بوقوعها في الذكر الحكيم إلا أنّها لم تقع ، وهذا ممّا يعبر عنه بانّه بدا للّه فيها.
وبذلك يعلم أنّ عدم وقوع ما أخبر بوقوعه لا يكون دليلاً على كذب المخبر ، لأنّ القرائن دلّت على صدق ما أخبر به وانّه كان مقدراً كما هو الحال في حادثة يونس ، حيث إنّ العذاب أقبل ولكنّهم استقبلوه بالالتجاء إلى اللّه والدعاء والتضرع والبكاء بحالة يرثى لهم ، فصرف عنهم العذاب.
__________________
١. الأعراف : ١٤٢.
٢. الدر المنثور : ٣ / ٣٣٥.