عاضّ على ذنبه ، فقال عليهالسلام : بما صنعت ، صرف عنك هذا. (١)
وأمّا الأمر الثالث ، فقد تقدّم انّ البداء هو ظهور ما خفي ، وعلى ضوء ذلك كيف يصحّ نسبة البداء إلى اللّه سبحانه ، مع أنّ القائلين بالبداء يتكرر على ألسنتهم بدا للّه؟!
والإجابة على هذا السؤال واضحة ، وهي انّ وصْفَه سبحانه بهذا الوصف من باب المشاكلة ، وهو باب واسع في كلام العرب ، فانّه سبحانه في مجالات خاصة يعبّر عن فعل نفسه بما يعبر به الناس عن فعل أنفسهم ، وما ذلك إلا لأجل المشاكلة الظاهرية ، وقد صرّح بها القرآن الكريم في مواطن عديدة نذكر منها :
يقول سبحانه : ( إِنَّ المُنافِقينَ يُخادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خادِعُهُم ). (٢)
ويقول تعالى : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الماكِرين ). (٣)
وقال عزّ من قائل : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الماكِرين ). (٤)
ويقول تعالى : ( فاليومَ نَنساهُمْ كما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا ). (٥)
إذ لا شكّ انّه سبحانه لا يَخدع ولا يَمْكر ولا ينسى ، لأنّها من صفات الإنسان الضعيف ، ولكنّه سبحانه وصف أفعاله بما وصف به أفعال الإنسان من باب المشاكلة ، والجميع كناية عن إبطال خدعهم ومكرهم وحرمانهم من مغفرة اللّه سبحانه وبالتالي عن جنته ونعيمها.
__________________
١. بحار الأنوار : ٤ / ٩٤.
٢. النساء : ١٤٢.
٣. آل عمران : ٥٤.
٤. الأنفال : ٣٠.
٥. الأعراف : ٥١.