و إن شئت قلت : الماهية الموجودة إذا قيست إلى أيّ شيء فإمّا أن يكون الشيء لازم الالتحاق بها كالتحيّز بالنسبة إلى الجسمية ، والزوجية بالنسبة إلى الأربعة ؛ وإمّا أن يكون ممتنع الالتحاق ، كالتجرّد عن المكان بالنسبة إليها ؛ أو يكون ممكن الالتحاق ، كالبياض بالنسبة إلى الجسم. فالأوّل هي الماهية بشرط شيء ، والثاني هي الماهية بشرط لا ، والثالثة هي الماهية لا بشرط.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ما ذكره راجع إلى تقسيم عوارض الوجود وأنّها لا تخلو عن حالات ثلاث ، من ممكن الالتحاق ، إلى ممتنعه ولازمه ، والبحث في تقسيم الماهية إلى أقسام ثلاثة.
وثانياً : أنّ البحث في تقسيم نفس الماهية أو الملحوظة لا في الماهية الموجودة.
ثمّ إنّ هذا التقسيم ليس تلاعباً بالألفاظ كما حسبه ، بل هذا التقسيم لأجل إيجاد الفرق بين النوع والجنس والفصل والمادة والصورة وإلاّيلزم أن يكون جميع المباحث الدارجة في باب الماهيات تلاعباً بها.
فانّ الحيوان على فرض اللا بشرط جنس ، وعلى فرض بشرط لا مادة ، وعلى فرض بشرط شيء نوع والمفهوم منه في كلّ موطن ، يغاير المفهوم منه في موطن آخر ، كما أنّ الناطق على فرض « اللابشرط » فصل ، وعلى فرض « بشرط لا » صورة ، وأمّا ما هو المراد من « اللا بشرط » في الجنس والفصل ، ومن « البشرط لا » في المادة والصورة فموكول بيانه إلى محله. (١)
إذا عرفت ذلك ينبغي الكلام في موضعين :
__________________
١. لاحظ ما حرّرناه من محاضرات شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ في هذا المضمار في مبحث المشتق في الجزء الأوّل ، ص ٢٤٨ ـ ٢٥٢.