الفصل الرابع
في حمل المطلق على المقيّد
إنّ هذا الفصل هو بيت القصيد في المقصد الخامس ويعدّ كالنتيجة لما سبق من المباحث ، ولنقدّم أُموراً :
الأوّل : إنّ محطّ الكلام في حمل المطلق على المقيّد فيما إذا كان القيد منفصلاً عن المطلق ، وأمّا إذا كان متّصلاً به فهو خارج عن محلّ البحث ، لما عرفت من أنّ وجود القيد المتصل يلازم عدم انعقاد الإطلاق فلا يكون هنا إطلاق حتّى يحمل على المقيّد ، بخلاف القيد المنفصل ، إذ الإطلاق ينعقد ـ عند وجود مقدّمات الحكمة ـ ويكون المقيّد مزاحماً لحجيّة الإطلاق لكون ظهوره في مدخلية القيد في المطلوب أقوى من ظهور المطلق.
الثاني : انّ تقدّم ظهور القرينة على ظهور ذيها أشبه بالورود ، لما عرفت من أنّ الإطلاق ليس من المداليل اللفظية ، بل من المداليل العقليّة ، يُعتمد فيها على كون المتكلّم حكيماً غير مناقض لمراده ، فلو أمر بالمطلق ، كشف عن كونه تمام الموضوع حسب الإرادة الاستعمالية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، الأصل تطابق الإرادة الاستعمالية مع الإرادة الجدّية ، ومن المعلوم أنّ هذا الأصل حجّة إذا لم يكن دليل على المخالفة ، فإذا ورد المقيّد كشف عن عدم التطابق في هذا المورد الخاص