وأمّا الثانية : أعني إذا لم تحرز وحدة التكليف ، والامتثال ، فضلاً عمّا إذا أحرز تعدّدهما كما إذا قال : اسقني بالماء ، ثمّ قال بعد زمن : جئ بالماء واحتملنا أنّ هناك غرضين : أحدهما رفع العطش والثاني غسل الثياب ، غير أنّ الأوّل يشترط فيه كون الماء خالياً عن الأملاح ، قابلاً للشرب بخلاف الثاني فإنّه يكفي فيه كون الماء مطلقاً ، سواء أكان قـابلاً للشرب أم لا ، فالجمع بين الـدليلين يتحقـّق بأُمور ثلاثة :
١. حمل المطلق على المقيّد ولزوم امتثالهما بعتق الرقبة المؤمنة.
٢. حمل المقيّد على أفضل الأفراد والتخيير في مقام الامتثال بين عتق المؤمنة والكافرة وإن كان الأفضل هو عتق المؤمنة.
٣. التحفّظ على الوجوبين والقول بأنّ هنا تكليفين إلزاميين ، ومقتضى ذلك لزوم القيام بعتق رقبتين يكفي في أحدهما عتق مطلق الرقبة مؤمنة كانت أم كافرة بخلاف الثاني ولا موجب للعدول عن الثالث إلى الوجهين الأوّلين ، وبما أنّ الشكّ في المقام ـ بعد عتق المؤمنة ـ يرجع إلى الشكّ في سقوط التكليف المعلوم ، وحصول الامتثال بالعمل بالمقيّد وحده ، يتعيّن العمل بالوجه الثالث.
فإن قلت : إنّ المقام أشبه بالأقل والأكثر الاستقلاليّين ، حيث إنّ الأمر يدور بين التكليف الواحد والأكثر ، والأوّل متيقّن والزائد مشكوك ، كدوران الدين بين الأقل والأكثر فالحكم في الجميع واحد.
قلت : الفرق بين المقامين واضح ، فإنّ الوجوب في مورد الدين واحد فهو مخاطب بقوله : « أدّ دينك » ، نعم المتعلّق ( الدين ) مردّد بين الأقل والأكثر ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الخطاب متعدّد قطعاً ، حيث قال : « أعتق رقبة » ثمّ قال : « أعتق رقبة مؤمنة » ، فإذا أعتق رقبة مؤمنة ، يشك حصول الامتثال بعتق الرقبة