المطلق أوّلاً ، ثمّ الإتيان بالمقيّد بعده ثانياً ، إذ بعد فرض لزوم الإتيان بالمقيّد بعينه ووفائه بكلا الملاكين لا يبقى موجب للأمر بالمطلق إلا بعد تقييده بالإتيان به أوّلاً في غير ضمن المقيّد مع الترخيص في تركه بالإتيان بالمقيّد ابتداء ، ومن الواضح أنّ هذا تكلّف زائد لا سبيل إلى الالتزام به مع عدم القرينة عليه. (١)
يلاحظ عليه : بأنّا نختار الشق الثاني ولكن لا بمعنى وفاقه بملاك المقيّد دون ملاك المطلق حتّى يقال بأنّه غير معقول ، لأنّ المطلق موجود في ضمن المقيّد فكيف يكون وافياً بملاك المقيد دون المطلق؟!
بل بمعنى أنّ الإتيان بالمقيّد يلازم حصول أحد الغرضين لا بعينه ، دون الغرضين معاً ، مثلاً لو قال : اسقني ، ثمّ قال : جئني بالماء ، فأحضر الماء القابل للشرب ، فقد حصل أحد الغرضين وهو التمكن من الشرب والغسل ، ولكنّه لا يفي إلا بأحدهما إمّا الشرب أو الغسل ويبقى الغرض الآخر بحاله ، ولا يتحقق إلا بإحضار ماء ثان غير مشروط بكونه قابلاً للشرب ، وإن أحضره يكون أيضاً وافياً به. واحتمال أن يكون المورد من هذا القبيل كاف في الحكم بالاشتغال ولزوم عتق رقبتين.
أضف إلى ذلك : أنّ إثبات وحدة التكليف بهذه الاعتبارات العقلية بعيد عن الأذهان الساذجة التي هي المرجع في تشخيص وحدة التكليف عن تعدّده.
فاتّضح بذلك أنّ الطريق لإحراز وحدة التكليف الملازم لوجود المنافاة بين الكلامين ، الباعث إلى التصرّف بأحد الوجهين من حمل المطلق على المقيّد أو حمل المقيّد على أفضل الأفراد هو دلالة القرائن على أنّ القضيتين ناظرتان إلى حكم واحد ، لا هذا الوجه البعيد عن الأذهان. والمفروض في المقام عدمها فلا وجه
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٥٣٥.