كلّ معلول ممكن بالذات ، ممتنع بعدم وجود علّته ، فيكون ممكناً بالذات ممتنعاً بالغير ، وهذا هو الذي يعبر عنه بالامتناع الوقوعي.
الثاني : انّ الضمير يرجع إلى الأمر مثل الاحتمال الأوّل ، لكن يراد من المرجع نفس الأمر ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه على نحو الاستخدام ، بأن يقال : هل يجوز أمر الآمر مع علم الآمر بانتفاء شرط الفعلية أو شرط التنجز؟ وهذا هو الذي اختاره المحقّق الخراساني وقال : إنّ داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك حقيقة وقد يكون صورياً وربما يكون غير ذلك.
ويؤيد ذلك انّ القائلين بالجواز يستدلّون بأمره تعالى إبراهيمَ الخليلَ بذبح ولده إسماعيل مع علمه تعالى بفقدان شرط فعلية الأمر أو تنجّزه ، والشرط هو عدم النسخ ، وقد كان منتفياً والأمر منسوخاً ، وإلى هذا الاحتمال يرجع ما ذكره العلاّمة الطباطبائي في تعليقته على الكفاية من رجوع الضمير إلى الامتثال. أي هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط الامتثال؟ وهذا التعبير أفضل وأوضح من تعبير المحقّق الخراساني.
وقد سبق منّا القول بأنّ شرط فعلية الأمر هو بيان المولى والمفروض انّه سبحانه بيّن أمره للخليل ، وإنّما المنتفي هو شرط التنجز وهو عدم النسخ فهو شرط تنجز الأمر لا فعليته.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني ذكر انّ هذا الاحتمال يرفع النزاع من البين ويقع التصالح بين الجانبين فالقائل بالجواز يريد من الأمر بالشيء هو الإنشاء الصوري مع عدم بلوغ الأمر إلى مرحلة الفعلية والتنجّز ، كما أنّ القائل بالامتناع يريد من الأمر بالشيء هو الأمر به بعامّة مراتبه حتّى التنجز ، فعندئذ لا نزاع بين النافي والمثبت.