الثالث : ما اختاره سيدنا الأُستاذ قدسسره وهو انّ المراد الأمر بالشيء مع انتفاء شرائط المأمور به ، كما إذا أمر بالصلاة مع الطهارة وهو يعلم عدم تمكّن المكلّف منها ، ثمّ إنّه قدسسره قال بجوازه وذلك مستنداً بما اختاره في البحث السابق من وجود الفرق بين الخطاب الشخصي والخطاب القانوني حيث لا يصحّ توجيه الخطاب الشخصي إلى الفاقد بأن يقول لفاقد الماء والتراب ، صل مع الطهارة.
وأمّا الخطاب القانوني فيصحّ ، وذلك لأنّه ليس خطاباً شخصياً ، بل خطاباً لعامّة المكلّفين ، وهم بين واجد للشرط وفاقد له ، فيصحّ خطاب الجميع بالأمر وإن كان بعضهم فاقداً للشرط ، إذ عند الفقدان تصل النوبة إلى العقل فيعد العاجز معذوراً والواجد غير معذور.
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره لا ينطبق على المثال الذي طرحه كلّ من النافي والمثبت ، وهو أمر الخليل بذبح إسماعيل مع عدم شرطه ، إذ لم يكن الخطاب في هذا المورد إلا خطاباً شخصياً لا قانونياً.
أضف إلى ذلك ما ذكرناه سابقاً من أنّ الخطابات القانونية وإن كانت غير ناظرة إلى صورة التزاحم أو إلى صورة فقد المكلّف شرط المأمور به ، لكن عدم النظارة يختص بعالم الإثبات فالدليل في مقام الدلالة غير ناظر إلى صورة التزاحم وفقد الشرط.
لكن المولى سبحانه واقف باختلاف المكلّفين من حيث الشروط وأنّهم بين واجد لشرط المكلّف به وفاقد له وعندئذ فهل يبقى خطابه ـ عند التوجه إلى اختلاف المكلّفين في الشرط ـ أو لا؟ فعلى الأوّل عاد محذور التكليف بالمحال وعلى الثاني لا يكون للخطاب القانوني دور في المقام ، لأنّ الخطاب الشخصي أيضاً مثله.