دليل القول المختار
إذا عرفت هذه الأُمور فالظاهر انّ المراد من الفرد هو المعنى الثاني ، وعلى ذلك فالأمر يتعلّق بنفس الطبيعة لا بالمشخّصات التي نعبّر عنها بالضمائم أو الجهات الفردية ، ودليله واضح وهو انّ البعث لا يتعلّق إلا بما هو دخيل في غرض المولى ولا يتعلّق بما ليس له دخل فيه ، ومن المعلوم أنّ المؤمِّن لغرض المولى هو نفس الطبيعة مع قطع النظر عن الضمائم والمشخّصات الفردية بحيث لو أمكن أن توجد الطبيعة مجرّدة عن الضمائم والمشخّصات لكان صالحاً للامتثال ، غير أنّ الطبيعة لا تتحقّق في الخارج بلا ضمائم.
أدلّة القول بتعلّقه بالافراد
استدلّ القائل بتعلّق الأوامر بالافراد بأُمور فلسفية غير مفيدة في المقام ، وإليك بيانها ضمن أُمور :
١. انّ الطبيعة ليست موجودة في الخارج وإنّما الموجود هو الفرد ، فكيف يكون ما ليس موجوداً في الخارج متعلقاً بالأمر؟
يلاحظ عليه : أنّ الاستدلال بما ذكر غفلة عن تفسير قولهم : « الحقّ انّ الطبيعي موجود بوجود أفراده » وذلك لأنّ تحقق الفرد عين تحقّق الطبيعة وهي تتحقّق في ضمن كلّ فرد مع تكثّر الأفراد. فإذا كان في مجلس عشرة أشخاص فهناك طبائع كثيرة حسب تكثّر الأفراد ، فزيد إنسان تام كما أنّ عمرو إنسان تام آخر وهكذا ، والتفصيل في محلّه.
٢. قد اشتهر بين الفلاسفة أنّ الطبيعة بما هي هي ليست إلا هي ، فهي لا موجودة ولا معدومة ، ولا مطلوبة ولا مبغوضة ، فإذا كان هذا مقام الطبيعة وشأنها