المقصد الأول في بحث المشتق
وقد وقع الكلام في أن المشتق هل يكون حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدإ في الحال؟ أو فيما يعمه وما انقضى عنه؟ مع الاتفاق ـ كما قيل ـ على كونه مجازا فيما لا تلبس له به إلا في الاستقبال. فمرجع النزاع إلى النزاع في سعة مفهوم المشتق وضيقه.
وأما ما ربما يدعى من رجوعه إلى النزاع في حال صدقه ، وأن صدقه على ما انقضى عنه التلبس هل هو لكونه من أفراده الحقيقية ، أو لكونه من أفراده الادعائية مع الاتفاق على مفهومه. فهو كما ترى ، لأن صدق العنوان على الفرد وعدمه فرع سعة مفهومه له وضيقه عنه ، فلا يعقل صدقه عليه حقيقة مع ضيقه عنه ، ولا عدمه مع سعته له ، فلا بد من رجوع النزاع في أحد الأمرين للنزاع في الآخر.
ثم إنه حيث كان مورد البحث تشخيص ظهور المشتق كان داخلا في المقاصد الأصلية من مباحث الألفاظ ، ولا وجه مع ذلك لذكره في مقدمات علم الأصول ـ كما جرى عليه جماعة ـ أو في مقدمات خصوص مباحث الألفاظ.
وينبغي تقديم أمور لها دخل في توضيح محل النزاع ، أو نافعة في مقام الاستدلال.
الأمر الأول : المشتق في مصطلح النحويين ما شارك غيره في مادة واحدة مع مخالفته له في الهيئة ، كالفعل واسمي الفاعل والمفعول وغيرها.