الاستنباط كلما بعد العهد عن عصور المعصومين (صلوات الله عليهم) بسبب اختلاف الأخبار وظهور الخلاف بين الأصحاب واختفاء كثير من أدلة التشريع.
ومن هنا كان الأنسب تعريف علم الأصول بأنه : (هو القواعد المقررة ليستعان بها على استنباط الأحكام الشرعية والوظائف العملية الشرعية والعقلية في موارد الشبهات الحكمية).
وقولنا : (القواعد) جنس يشمل جميع قواعد العلوم. وبه يخرج علم الرجال ، لأنه وإن كان ينفع في الاستنباط ، بل لعل الغرض المهم من النظر فيه في العصور المتأخرة الاستعانة عليه ، إلا أن موضوعات مسائله لما كانت جزئية ـ وهي أفراد الرواة ـ لم تكن نتائج مسائله قواعد ، لتدخل في هذا التعريف.
وقولنا : (المقررة ليستعان ...) لإخراج مسائل العلوم الأخرى التي لا تنفع في الاستنباط ، أو تنفع فيه من دون أن يكون الغرض من تحريرها ذلك ، بل حررت لأغراض أخرى هي أغراض تلك العلوم ، كجملة من المسائل العقلية والنحوية والصرفية والبيانية ، وكذا ما ينفع في الاستنباط من المسائل غير المحررة في علم أصلا لوضوحها.
وقولنا : (استنباط) يراد به الوصول للمطلوب ، إما بالقطع ، أو بقيام الحجة ، لأن لسان الحجة الحكاية عن الواقع.
وقولنا : (والوظائف العملية) لبيان عموم علم الأصول ، للمسائل التي تنفع في تنقيح الوظيفة العملية عند تعذر استنباط الحكم الشرعي أو عند الشك في امتثاله.
وقولنا : (في موارد الشبهات الحكمية) يراد به موارد الشك في الكبريات الشرعية وجودا وعدما أو سعة وضيقا. وإنما ذكرنا ذلك لإخراج القواعد الفقهية والعقلية الجارية في خصوص الشبهات الموضوعية الناشئة من