الفصل الثاني
فيما يتعلق بمادة الطلب
الطلب لغة هو السعي نحو الشيء لمحاولة تحصيله والوصول إليه ، وهو المناسب لموارد إطلاقه في الكتاب المجيد والسنة الشريفة واستعمالات أهل العرف. والظاهر عدم خروجه عن المعنى المذكور عند إطلاقه في مورد الحث على الشيء ، لأن الحث على الشيء نحو من السعي لتحصيله. ومن هنا كان الظاهر اتحاده خارجا مع الحث المذكور ، وليس هو متحدا مع الإرادة النفسية ، لا مفهوما ولا مصداقا ، خلافا للمحقق الخراساني قدسسره. بل غايته أن يكون ملازما لها.
على أنه لا يبعد عدم ملازمته لها وصدقه على الحث على الشيء وإن لم يكن بداعي تحصيله ـ لعدم إرادته ـ بل بداعي الامتحان. ودعوى : أنه حينئذ طلب صوري لا حقيقي. غير ظاهرة ، وإنما يكون الخطاب طلبا صوريا إذا لم يكن بداعي الحث ، بل لإيهامه ، كما في موارد التقية.
ومثله في الضعف ما ينسب للأشاعرة من أنه أمر قائم بالنفس غير الإرادة ، وهو المسمى عندهم بالكلام النفسي ، والمدلول للكلام اللفظي ، وقد ذكروا أنه هو المعيار في التكليف دون الإرادة. وبذلك وجهوا تخلف الامتثال عن التكليف الشرعي مع امتناع تخلف مراده تعالى عن إرادته.
إذ فيه : أنه لا واقع للكلام النفسي ، فضلا عن أن يكون هو الطلب والمعيار في التكليف. وتخلف الامتثال عن التكليف ناشئ عن أن منشأ التكليف هو الإرادة التشريعية ، دون الإرادة التكوينية الحقيقية ، على ما تقدم