كثرة الخروج عن مقتضى الإطلاق بالقرينة لا يمنع من العمل بمقتضاه مع عدمها ، بخلاف كثرة الخروج عن المعنى الموضوع له بالقرينة ، فإنه قد يوجب صيرورة المجاز مشهورا ، فيمتنع الحمل على المعنى الموضوع له مع عدم القرينة. ومن ثم استشكل في المعالم في حمل الصيغة في عرف الشارع على الوجوب وإن كان هو الموضوع له عنده.
ثم إن ما تقدم منهم ومنا في صيغة الأمر يجري في لام الأمر وفي أداة النهي ، كما يظهر بأدنى تأمل. بل يجري في كل ما يدل على الطلب أو الزجر ، كمادة الطلب ومادتي الأمر والنهي ـ لو قيل بعدم ظهورها وضعا في الإلزام ـ وغيرها ، كما أشرنا إليه آنفا.
تنبيه :
الظاهر أن وقوع هيئة الأمر أو لام الأمر عقيب النهي أو في مورد توهمه مانع من ظهورهما في الحث على الفعل وطلبه ، فضلا عن الإلزام به ، كما أن وقوع أداة النهي عقيب الأمر أو في مقام توهمه مانع من ظهورها في الزجر ، لأنها وإن لم تخرج عن الاستعمال في النسبة البعثية أو الزجرية ، إلا أن ما سبق من أصالة كون الداعي للاستعمال هو الحث والزجر لا يجري في الموردين المذكورين ، لقصور بناء أهل اللسان عنه ، والمتيقن منه البناء على كون الداعي لاستعمال صيغة الأمر ولام الأمر حينئذ بيان عدم النهي ، والداعي لاستعمال أداة النهي حينئذ بيان عدم الأمر.
ولعل هذا هو المراد مما عن المشهور من دلالتها في الموردين المذكورين على الإباحة. أما لو كان مرادهم الإباحة بالمعنى الأخص ـ التي هي أحد الأحكام الخمسة ـ فهو خال عن المنشأ.
هذا ، وعن بعضهم أن الأمر إن علق بزوال علة النهي كان ظاهرا في رجوع