الفصل الرابع
في الجمل الخبرية
لا إشكال في استعمال الجمل الخبرية في مقام بيان الحث على المادة في الجمل الإثباتية ، والزجر عنها في الجمل السلبية. وقد وقع الكلام في ظهورها في اللزوم وعدمه ، فذهب بعضهم إلى عدم ظهورها فيه ، بل المتيقن منها مطلق الطلب ، لدعوى : أنه بعد الخروج بها عن معناها الحقيقي ـ وهو الإخبار ـ فلا مرجح للوجوب ، بل هو كغيره من المجازات ، فيتعين حملها على مطلق البعث والطلب. لا بمعنى كونها مستعملة أو ظاهرة فيه ـ ليتجه ما تقدم في تقريب استفادة الإلزام من هيئة الأمر ، من أنه مقتضى إطلاق كل ما سيق لبيان البعث أو الزجر ـ بل بمعنى ترددها بين الاستعمال في خصوص الوجوب ، وفي خصوص الاستحباب ، وفي مطلق الطلب ، فيلزم مع عدم القرينة إجمالها.
ومعه لا مجال للوجه المتقدم ، لأنه فرع الظهور في مطلق الطلب.
لكن ترددها بدوا بين الوجوه الثلاثة لو تم بدوي ، والتامل في الاستعمالات المذكورة قاض باستعمالها في الثالث ، وهو مطلق الطلب ، لعين ما سبق في هيئة الأمر وأداته وأداة النهي من صلوحها للإلزام منهما وغيره من دون تبدل في المعنى المسوقة له ارتكازا. وحينئذ يجري ما سبق في وجه الحمل على الإلزام.
على أن هذا الوجه يبتني على الخروج بالجمل الخبرية عن معناها الحقيقي. وقد اشتهر المنع عنه في العصور المتأخرة. وقد ذكروا في توجيه بقائها على معناها الحقيقي ، وتوجيه الدلالة على الإلزام معه ، وجوها كثيرة