ولا سيما مع وضوح كون علم الأصول مقدمة لعلم الفقه ، حتى حرر كذلك في كلام جماعة ، وكثير من مسائل الفقه قد تضمن بيان الوظائف المذكورة دون الحكم الشرعي. ولو أمكن إدخال الوظيفة الشرعية في الحكم الشرعي ، فلا مجال لذلك في الوظيفة العقلية. ومن هنا أضيف في العصور المتأخرة إلى استنباط الحكم الشرعي استنباط الوظيفة العملية على نحو ما تضمنه التعريف المتقدم.
بل اقتصر بعض مشايخنا في تعريف علم الأصول على أنه العلم بالقواعد لتحصيل العلم بالوظيفة في مرحلة العمل. ومراده بالوظيفة الأعم من الشرعية والعقلية. وهو وإن كان أخصر فيكون أنسب بالتعريف ، إلا أن ما تقدم أولى ، لما فيه من الإشارة الإجمالية لغرضي العلم ووظيفتي المجتهد. بل المقصود الأصلي هو استنباط الحكم الشرعي ، لأنه المجهول المطلوب ، والاكتفاء بالوظيفة إنما هو عند تعذره ، فلا يحسن إهمال التنصيص في التعريف عليه.
هذا ، وقد اتضح مما سبق أنه لا جامع حقيقي بين المسائل الأصولية ، كما لا جامع بين موضوعاتها ، ليكون هو الموضوع لعلم الأصول ، بل المعيار فيها ما سبق تبعا للغرض المتقدم ، سواء كان البحث فيها عن الحجيّة والدليلية ، أم عن الظهور العرفي ، أم الملازمة العقلية ، أم الوظيفة الظاهرية الشرعية أو العقلية ، أم غير ذلك مما يأتي التعرض له إن شاء الله تعالى. وقد أطالوا في ذلك بما لا مجال لمتابعتهم فيه.
الأمر الثاني : حيث كانت نتائج المسائل الأصولية كبريات تنفع في الاستنباط ، فالكبريات المذكورة على قسمين :
أحدهما : ما يكون مضمونه أمرا واقعيا نظريا لا يتضمن العمل بنفسه ، وإنما يترتب عليه العمل في بعض الموارد لخصوصية موضوعه أو بضميمة أمر