ولعل ذلك هو الوجه في تبادر إرادة استمرار الترك من عنوان التحريم ومن مادة النهي ونحوهما مما يقتضي ترك الفعل ، لظهور أن المراد بهما ما يراد بأداة النهي. بل لعله هو الوجه في انسباق ذلك من الأمر بالترك ، مع أن الجمود على مدلوله الحقيقي لا يقتضيه ، كما سبق ، فإن المستفاد منه تحريم الفعل لا وجوب تركه.
إذا عرفت هذا فينبغي الكلام فيما يتعلق بذلك ويترتب عليه مما صار موردا للبحث في كلامهم ويتعلق بالأوامر والنواهي ، واستيفاؤه يكون في ضمن مسائل ..
المسألة الأولى : في المرة والتكرار
فقد وقع الكلام بينهم في أن الأمر هل يقتضي المرة أو التكرار أو لا يقتضي شيئا منهما؟. والظاهر ـ تبعا لظاهر كلماتهم ومساق حججهم ـ أن البحث فيها راجع إلى مقام الجعل وتشخيص المطلوب ، فيتفرع عليه مقام الامتثال ، لا إلى مقام الامتثال بعد الفراغ عن عدم اقتضاء الجعل لأحدهما ليكون من مباحث مسألة الإجزاء.
هذا وفي الفصول أن الأكثر حرروا النزاع في هيئة الأمر ، بل نص جماعة على اختصاصها بها. ولذا عدها من مباحث هيئة الأمر. لكن مساق حججهم لا يناسب الاختصاص بها ، ولذلك ألحقناها بهذا الفصل.
إذا عرفت هذا فالمرة والتكرار .. تارة : يجعلان من شئون المكلف به المستفاد من المادة ونحوها.
وأخرى : يجعلان من شئون التكليف المستفاد من هيئة الأمر ونحوها.
أما على الأول ـ الذي هو ظاهرهم ـ فالحق ـ المصرح به في كلام جماعة ـ عدم اقتضاء التكليف بنفسه المرة ولا التكرار. إذ ما دل على التكليف ـ كالهيئة