تنبيهان
الأول : بناء على ما ذكرنا من تعلق الأمر بالماهية من حيث هي من دون تقييد بمرة أو تكرار ـ سواء أحرز ذلك بالإطلاق أم بالأصل ـ فلا إشكال في تحقق الامتثال بالإتيان بفرد واحد ، لصدق الماهية به. وكذا بالاتيان بأفراد متعددة إذا كان دفعة واحدة ، بحيث يفرغ منها في زمان واحد ، لصدق الماهية عليها بعين صدقها على الفرد الواحد.
وأما الفرد أو الأفراد التي يتأخر الفراغ منها عن الفراغ من الفرد أو الأفراد الأولى ، فالماهية المذكورة وإن كانت تصدق عليها ، لأنها تصدق على الأفراد المتعاقبة كما تصدق على الأفراد المتقارنة ، إلا أنه لا مجال لدخلها في الامتثال بعد تحقق الامتثال وسقوط الأمر بالفرد أو الأفراد الأولى ، لأن سقوط الأمر وخروج المكلف عن عهدته أمر غير قابل للتعدد ولا للتأكد ثبوتا ، فمع استناده للسبب السابق يلغو السبب اللاحق كما هو الحال في سائر موارد اجتماع العلل على المعلول الواحد.
وأما التخيير بين الأقل والأكثر فهو وإن أمكن حتى في التدريجيات ، إلا أنه لا يناسب الإطلاق بل يتوقف على تقييد المأمور به في مقام الجعل بنحو يمنع من انطباقه على الفرد الواحد في ظرف وجود غيره ولو بعده ، على ما يأتي في محله ، وهو خلاف المفروض في المقام من تمامية الإطلاق.
وبذلك يكون المتحصل : أن الحق هو المرة بمعنى الفرد بلحاظ نفس التكليف ، وأما بلحاظ المكلف به فلا مجال للبناء على المرة ولا التكرار في مقام الجعل ، وإنما يتعين البناء على المرة بمعنى الدفعة ـ مع وحدة الفرد أو تعدده ـ في مقام الامتثال بحكم العقل ، مع كون المعيار فيها مع تعدد الأفراد هو التقارن في الفراغ ولو مع الترتب في الشروع.