التنبيه الثاني : مبنى الأصحاب في جملة من الموارد على حمل الأوامر الندبية على السريان والاستغراق ، فيسري الحكم إلى جميع الأفراد الطولية والعرضية ، بنحو يقتضي التكرار في مقام الجعل ، ولا تسقط بصرف الوجود ، كما في الأمر بقراءة القرآن والصلاة والصدقة والبر والإحسان وغيرها ، مع أن ما سبق في الأوامر الوجوبية جار فيها. وقد حاول بعضهم توجيه الفرق بما لا مجال لإطالة الكلام فيه.
والتحقيق : أن ما سبق من الوجه كما يجري في الأوامر الوجوبية يجري في الأوامر الندبية ، والخروج عنه في الأوامر الندبية المتقدمة ونحوها إنما هو للمناسبات الارتكازية والقرائن الحالية والمقالية القاضية برجحان الماهيات المأمور بها بنحو السريان والاستغراق ، لا بنحو البدلية. ولذا لا مجال للحمل على الاستغراق في الأوامر بالماهيات المذكورة في خصوص مورد ، كاستحباب قراءة القرآن بعد الصلاة واستحباب الصدقة عند الخروج من المنزل أو عند السفر ونحو ذلك ، حيث يتعين البناء على وفاء الدفعة الأولى بالخصوصية ، وعدم استحباب ما بعدها من حيثية تلك الخصوصية ، وإن كان مستحبا بلحاظ مطلوبية أصل الماهية بنحو السريان والاستغراق.
المسألة الثانية : في الفور والتراخي
وقع الكلام في أن الأمر هل يقتضي الفور ـ بمعنى المبادرة للامتثال في الزمن الثاني من الخطاب ، أو في أول أزمنة الإمكان ـ كما عن الشيخ وجماعة ، أو يقتضي التراخي بمعنى جواز التأخير. وأما بمعنى لزومه فلم أعثر عاجلا على قائل به ، وإنما يظهر من الفصول وجود متوقف فيه يرى أن التأخير هو المتيقن من الامتثال.
والذي يظهر من ملاحظة كلماتهم وحججهم أن النزاع لا يختص