الأمر الثاني :حيث أنه كان مقتضى النهي ترك الطبيعة بتمام أفرادها العرضية والطولية ، فهل يسقط النهي بالمخالفة في بعض الأفراد أو لا ، بل يلزم ترك بقية الأفراد؟ صرح المحقق الخراساني قدسسره بعدم دلالته على أحد الأمرين بنفسه ، قال : «بل لا بد في تعيين ذلك من دلالة ، ولو كان إطلاق المتعلق من هذه الجهة ... ، ولم يتعرض لبيان مقتضى الإطلاق الذي ذكره.
والذي ينبغي أن يقال : بعد أن كان النهي متعلقا بالماهية الخارجية بما لها من حدود مفهومية فإن ابتنى على ملاحظة الأفراد بنحو الارتباطية والمجموعية كان النهي واحدا لا يطاع إلا بترك تمام الأفراد ، ومع فعل بعضها يسقط بالمخالفة ، وإن ابتنى على ملاحظتها بنحو الانحلال كان النهي منحلا إلى نواهي متعددة بعدد الأفراد لكل منها طاعته ومعصيته ، وحينئذ فسقوط النهي في كل فرد بمخالفته لا يقتضي سقوطه في بقية الأفراد.
والظاهر أن المفهوم عرفا هو الثاني ، ولذا يعدّ التارك في الآن الأول مطيعا عرفا ، لا أن إطاعته مراعاة باستمراره على الترك ، كما تكون إطاعة من يشرع في امتثال الواجب الارتباطي ـ كالصوم ـ مراعاة بإكماله.
وكأنه لا بتناء الارتباطية على نحو من العناية الموجب لاحتياجها لمزيد بيان ، وبدونه ينهض الإطلاق بدفع احتمالها. من دون فرق في ذلك بين الأفراد الطولية والعرضية. ويترتب على ذلك زيادة المعصية بزيادة الأفراد المأتي بها دفعة ، فمن نظر لامرأتين في زمان واحد كان أكثر معصية ممن ينظر لامرأة واحدة. ويكفي في استيضاح ذلك أدنى تأمل في المرتكزات العرفية. وإن أطال بعضهم في المقام بما لا يسعنا ذكره وتعقيبه.