ومن هنا كان الظاهر أن التكليف الكفائي تكليف كل فرد من المكلفين بالماهية ، لا بنحو يقتضي تكليفه بفرد منها غير ما يكلف به غيره ، بل بنحو يقتضي وجودها في مقابل عدمها المطلق ، لوفاء ذلك بالغرض الداعي للتكليف.
فالفرق بينه وبين التكليف العيني في المكلف به لا غير ، فهو في العيني فرد من الماهية يخص كل مكلف ـ سواء اعتبرت فيه مباشرته فيه أم اكتفي بقيام غيره مقامه ـ وفي الكفائي الوجود المطلق للماهية الحاصل بفعل أحدهم أو بمشاركة أكثر من واحد منهم ، في مقابل العدم المطلق.
ودعوى : امتناع تعدد التكليف مع وحدة المكلف به.
ممنوعة ؛ لأن التكليف إضافة قائمة بالمكلّف والمكلّف والمكلف به يكفي في تعددها تعدد بعض أطرافها ولو مع اتحاد بعضها الآخر ، كما هو الحال في سائر الإضافات.
ومثلها دعوى : امتناع تكليف الإنسان بالقدر الجامع بين فعله وفعل غيره ، لعجزه عن فعل غيره ، بل لا بد من تقييد المأمور به بخصوص الفعل المقدور له.
لاندفاعها بأنه لا يعتبر في القدرة على الماهية المكلف بها القدرة على تمام أفرادها ، بل يكفي في القدرة عليها القدرة على بعض أفرادها.
على أن فعل الغير قد يكون مقدورا للمكلف ، وذلك إذا كان قادرا على إحداث الداعي للغير مع قدرته على الفعل ، أو على إقداره عليه مع تحقق الداعي له ، أو عليهما معا مع عدمهما. ولذا قد يكلف عينا بالفعل من دون اعتبار المباشرة ، أو بما لا يقدر على فعله بالمباشرة إذا كان قادرا على الاستنابة فيه.
وبهذا يتجه لزوم سعي المكلف لحصول الواجب الكفائي مع عجزه عن