الاستقلال بامتثاله ، إما بالاشتراك مع الغير في امتثال واحد أو باستقلال الغير في ذلك بإحداث الداعي له للامتثال ، أو باقداره عليه ، وذلك للقدرة على الماهية المطلقة حينئذ ، فلا يسقط التكليف بها بالعجز عن الاستقلال بالامتثال. وليس هو كالواجب العيني الذي يسقط بالعجز عن الاستقلال بامتثاله ، ويحتاج وجوب السعي معه لامتثال الغير إلى دليل مخالف لمقتضى الأصل.
بقي في المقام أمور
الأول : أن المكلف به حيث كان هو الوجود المطلق تعين عدم إجزاء العمل الناقص الاضطراري من العاجز عن التام الاختياري ، لا في حقه ، ولا في حق غيره ، إلا مع تعذر العمل التام من غيره ولو لعصيانه وتعذر اقناعه ، لعدم صدق الاضطرار إلا مع ذلك. وهذا بخلاف ما لو كان كل فرد مكلفا بفعله ، حيث يصدق الاضطرار في حقه بذلك ، فيشرع له الناقص.
الثاني : حيث كان الفرق بين التكليف العيني والكفائي بإطلاق المكلف به في الكفائي بنحو يكتفى فيه بصرف الوجود الصادر من أي مكلف ، وتقييده في العيني بفرد يختص بالمكلف ، فإن كان هناك إطلاق يقتضي الأول ـ كما لو كان الخطاب بالفعل المبني للمجهول مثل : يجب على المسلمين أن يحج البيت ـ عمل به. وإلا فإن كان هناك ظهور يقتضي تكليف بعضهم أو جميعهم بأفراد تخصهم ـ كما هو ظاهر الخطاب بالفعل المبني للفاعل مثل : صل في المسجد ، أو حجوا البيت ـ تعين الثاني.
وإن فقد الأمران كان المرجع الأصل العملي. وحينئذ إن علم بتكليف الكل وشك في أن المكلف به مطلق إيجاد الماهية الذي يكفي فيه صرف الوجود ولو من واحد الراجع للوجوب الكفائي ، أو الوجود المتعدد بعدد الأفراد ، فمقتضى الأصل الأول ، بناء على ما يأتي في مبحث الأقل والأكثر