الأمر الثالث : كما يمكن أن يكون الموقت بنحو يجب قضاؤه لو فات في الوقت يمكن أن يكون بنحو يجزي مع تقديمه عليه ، لوفائه بملاكه ، فيجزي عنه في وقته ، لاستيفاء ملاكه. وهو إنما يكون من تقديم الواجب على وقته إذا كان الوقت شرطا للتكليف ، حيث لا يقع قبل الوقت امتثالا مع عدم فعلية التكليف ، كما هو الحال في ما ورد من تقديم الفطرة في شهر رمضان.
أما مع إطلاق التكليف فلا مجال لأخذ الوقت شرطا في المكلف به مع فرض وفاء الفعل السابق بالغرض ، لتبعية التكليف للغرض سعة وضيقا ، ومع إطلاق التكليف والمكلف به لا يكون الفعل قبل الوقت من تقديم الواجب على وقته.
الأمر الرابع : لا إشكال في عدم اختصاص التقسيم المذكور بالواجب وجريانه في المستحب. بل الظاهر جريانه في المنهي عنه أيضا ، لإمكان اختصاص الفعل المنهي عنه بزمان خاص ، تبعا لاختصاص الغرض به. ولا إشكال فيه مع ضيق الوقت ، فيقتضي تركه في تمام الوقت.
وأما مع سعته بحيث يتعلق الغرض بتركه في بعض الوقت لا في تمامه ، فهو وإن كان ممكنا ، إلا أنه لا يناسب النهي ، لما سبق من ابتنائه على استيعاب أفراد المنهي عنه الطولية والعرضية بالترك ، لا البدلية فيها ، فلا بد في مطابقة التكليف للغرض المذكور من أن يكون بنحو الأمر بالترك في بعض الزمان الخاص ، فتكون السعة في المأمور به لا في المنهي عنه.