أو للتزاحم الحكمي. وعليه يبتني ما ذكروه في مسألة الضد من إمكان التقرب بالمهم مع مزاحمته بالأهم وإن قيل بعدم ثبوت الأمر الترتبي. وعلى ذلك تكون مقربية قصد امتثال الأمر بلحاظ كونه في طول قصد موافقة الغرض والملاك الفعلي ، لتبعية الأمر للملاك المذكور.
كما أن قصد المصلحة إن أريد به قصدها بما هي هي فهو ليس مقربا من المولى ، لعدم دخله به ، وإن أريد به قصدها بما أنها قد تعلق غرض المولى بتحصيلها فهو عبارة عما ذكرنا من قصد موافقة الغرض والملاك الفعلي.
وأما قصد طلب الثواب وخوف العقاب فالظاهر أنهما في طول قصد موافقة الغرض والملاك ، لا في عرضه.
وتوضيح ذلك : أن موافقة الغرض لما لم يكن راجحا بنظر المكلف لذاته لم يصلح للداعوية إلا بلحاظ جهات خارجية تكون داعية في طول داعويته ، وتلك الجهات .. تارة : ترجع إلى المولى نفسه ، ككونه أهلا للطاعة ، أو حبّ العبد له ، أو شكره لإنعامه وامتنانه وأخرى : ترجع إلى العبد نفسه ، كطلب الرفعة عند المولى واستحقاق الشكر منه ، أو طلب الثواب أو خوف العقاب في الآخرة ، أو دفع المحذور واستجلاب المحبوب في الدنيا. والظاهر عدم منافاة شيء منها للتقرب والعبادية ، بل تصح العبادة مع الجميع.
إن قلت : العمل برجاء تحصيل المحبوب ودفع المكروه من قبيل المعاوضات التي لا تناسب مقام العبودية للسيد المستحق للطاعة لذاته.
قلت : ذلك إنما يتم إذا لحظت داعويتهما بالمباشرة ، نظير داعوية الأجرة للأجير. أما إذا لحظ في طول داعويتهما إرضاء المولى والتحبب له وعبادته والتذلل له ونحو ذلك فلا يخلّ بالعبادية ، ولا يمنع من التقرب ، وذلك بأن يأتي العبد بالعمل إرضاء للمولى وطاعة له ، كي يقع موقع القبول منه ،