يدعى أن الغرض منه أيضا جعله داعيا للترك. بل في الترخيص أيضا ، لأن الغرض منه أيضا كونه داعيا للعبد للسعة في مقام العمل. ومن الظاهر عدم كونهما تعبديين. كما لا يظن بأحد الالتزام بأن ذلك للدليل الخاص مع تقييد متعلقهما بما يناسب التعبدية.
الجهة الثانية : في مقتضى الدليل الخارجي.
وقد استدل لأصالة التعبدية بأمور :
الأول : قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(١) ، وظاهر قوله : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) أن الحكم المذكور ليس من شأنه النسخ ، لأن المراد بالقيمة الملة أو الأمة المستقيمة.
فلا يبتني الاستدلال بالآية الشريفة على استصحاب أحكام الشرائع السابقة الذي هو محل الكلام.
وفيه أولا : أن الظاهر من الإخلاص لله تعالى في الدين ليس هو التقرب بالعمل له ، فإنه إخلاص له في العمل لا في الدين ، بل هو التوحيد في مقابل التدين بالشرك أو بعبادة غيره تعالى. ويناسبه قوله سبحانه : (حُنَفاءَ) حيث تضمن جملة من الآيات الشريفة أخذه في التدين بدين الإسلام ، وتضمن جملة منها مقابلته بالشرك.
وفي صحيح عبد الله ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (حَنِيفاً مُسْلِماً) قال : «خالصا مخلصا ليس فيه شيء من عبادة الأوثان» (٢).
__________________
(١) سورة البينة الآية : ٥.
(٢) الوسائل ج : ١ باب : ٨ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١.