الفصل الثامن
في الأمر بالأمر والنهي
قد وقع الكلام في أن الأمر بالأمر هل يكون أمرا في حق المأمور الثاني أو لا. ونظيره في ذلك الأمر بالنهي ، وأنه هل يقتضي نهي المنهي من قبل الآمر بالنهي أو لا. ولا وجه لتخصيص الكلام في الأمر إلا ذكرهم ذلك في مباحث الأوامر.
وحيث كان مبنى الكلام في المقامين واحدا فلنجر في تحرير المسألة على ما جروا عليه ، ومنه يتضح الحال في النهي. وينبغي الكلام في صور ذلك ثبوتا ، ثم فيما هو الظاهر من الأمر ولو بضميمة القرائن العامة إثباتا.
فالكلام في مقامين :
المقام الأول : في صور الأمر المذكور ثبوتا
اعلم أنه إذا أمر زيد عمرا بأن يأمر بكرا بالسفر فهو يكون على وجوه ..
الأول : أن يكون ناشئا من ملاك مستقل بالأمر من دون ملاك يقتضي أمر زيد لبكر بالسفر حتى بعد أمر عمرو له به ، كما لو أراد استكشاف حال بكر ، وأنه يطيع عمرا أو لا. وعليه يكون الأمر من عمرو لبيان مراده ، لا لبيان مراد زيد ، وتكون إطاعة بكر له لا لزيد. كما لا أثر للأمر المذكور من زيد في حق بكر
الثاني : أن يكون ملاكه تتميم الملاك للسفر في حق بكر ، بأن يكون ملاك السفر من بكر موقوفا على أمر عمرو له به. وهذا الوجه موقوف على