الفصل التاسع
في الأمر بعد الأمر
ذكرنا غير مرة أن التكليف إضافة ونسبة قائمة بين المكلّف والمكلّف والمكلف به ، وحيث كانت وحدة الإضافة منوطة بوحدة أطرافها ، والمفروض وحدة المكلّف والمكلف فلا بد في تعدد التكليف من تعدد المكلف به ، ومع وحدة المكلف به من جميع الجهات يتعين وحدة التكليف.
إذا عرفت هذا ، فإذا ورد الأمر بالماهية مرتين مثلا فالمحتمل وجوه ثلاثة.
الأول : أن يراد بهما بيان تكليف واحد تابع لملاك واحد لا تأكد فيه ، والتكرار لتأكيد البيان أو غيره مما يأتي.
الثاني : أن يراد بهما معا بيان تكليف واحد متعدد الملاك وقد تضمن كل منهما ثبوته من حيثية خاصة مباينة للحيثية المبينة بالآخر. ولازمه تأكد التكليف لتعدد ملاكه والجهة المقتضية له ، ولا تأكيد في بيانه ، لتعدد المبنيين حقيقة بسبب تعدد الجهة.
الثالث : أن يراد بكل منهما بيان تكليف مستقل تابع لملاكه مباين للتكليف المبين بالآخر ، وحيث سبق استلزام تعدد التكليف لتعدد المكلف به فلا بد من كون متعلق كل منهما مباينا لمتعلق الآخر وإن كانا من ماهية واحدة ، بأن يراد بكل منهما فرد منها مباين للفرد الآخر.
هذا ، ومقتضى إطلاق متعلق التكليف في كل من الخطابين هو الاكتفاء بصرف الوجود المستلزم لوحدة التكليف ، فيتردد الأمر بين الوجهين الأولين. بل مع اتحاد موضوع التكليف في الخطابين ـ كما لو ورد مرتين : من ظاهر