الفصل الأول
مفهوم الشرط
لا إشكال في دلالة القضية الشرطية على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط ، وهو منطوقها اصطلاحا. وإنما الكلام في دلالتها على انتفاء الجزاء بانتفاء الشرط الذي هو مفهومها ، فقد أصر عليه جماعة كثيرة ومنعه آخرون. ومحل الكلام إنما هو في دلالتها وضعا أو بالقرينة العامة ، بحيث يكون المفهوم مقتضى الظهور النوعي للقضية الذي لا يخرج عنه إلا بالقرينة ، وإلا فلا إشكال ظاهرا في فهمه منها في كثير من الموارد ، وتجردها عنه في موارد أخرى بالقرينة المتصلة أو المنفصلة.
ومحل الكلام فعلا ما تضمن من القضايا الشرطية (إن) ونحوها ، لأنه المتيقن منه ، وأما عموم ذلك لكل شرطية فيأتي الكلام فيه بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
هذا وظاهر شيخنا الأعظم قدسسره وجملة ممن تأخر عنه أن المعيار في دلالة الشرطية على المفهوم ظهورها في كون الشرط علة منحصرة للجزاء ، وبدونه لا دلالة لها عليه.
لكن الظاهر ـ كما صرح به في الفصول ـ أنه يكفي ظهورها في مجرد لزوم الشرط للجزاء ، بمعنى عدم وجوده إلا مع وجود الشرط ، سواء كان الشرط علة منحصرة للجزاء ، أم كان الجزاء علة للشرط ، أم كانا معلولين لعلة واحدة ، لاشتراك الجميع في المطلوب ، وهو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط. بل يكفي ظهورها في التلازم الخارجي بالنحو المذكور وإن كان اتفاقيا. ومن هنا كان ذلك هو المهم في محل الكلام.