إلا أن المناسب التعرض لما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من الكلام في دلالتها على العلية المنحصرة ، لأنها وإن كانت أخص من اللزوم المذكور ، إلا أن تحقيق دلالة الشرطية عليه لا يخلو في نفسه من فائدة. مع أنه ينفع في إثبات اللزوم المذكور. والكلام في ذلك يقتضي الكلام في أمور مترتبة في أنفسها.
الأول : لزوم الجزاء للشرط لعلاقة بينهما في مقابل كون الشرطية اتفاقية.
والظاهر أن المعيار في العلاقة أن تكون مدركة للمتكلم ، ليتسنى الحكاية عنها ، ولا يكفي وجودها واقعا. كما لا يعتبر فيها أن تكون عقلية ، بأن يمنع العقل من التخلف بسببها ، بل يكفي أن تكون طبعية مدركة ولو بالتجربة.
ولا ينبغي التأمل في ظهور الشرطية في ذلك ، كما أصر عليه غير واحد. بل لا يصح استعمالها في الاتفاقية إلا بعناية ، كما ذكره بعض الأعاظم قدسسره.
والظاهر أن مبنى تقسيم المنطقيين الشرطية إلى لزومية واتفاقية على أن مرادهم بالشرطية ما تضمن مجرد الاتصال بين النسبتين أو الانفصال بينهما ، ولذا تؤدى المتصلة عندهم بمثل : (كلما كان كذا كان كذا) ، مع وضوح أن (ما) في كلما ظرفية مصدرية متمحضة في الدلالة على الزمان ، وليست كأدوات الشرط خصوصا (إن) التي سبق أنها محل الكلام فعلا ، حيث لا إشكال في أن المفهوم منها عرفا معنى زائد على الظرفية لا يصدق في الاتفاقية.
الثاني : ترتب الجزاء على الشرط ، دون العكس ، أو كونهما في مرتبة واحدة ، لكونهما معلولين لعلة ثالثة. وقد أصرّ غير واحد على ظهور الشرطية فيه ، وإن اختلفوا في كونه بالوضع أو بسبب آخر.
نعم ، ظاهر المحقق الخراساني قدسسره إنكاره ، لعدم العناية في استعمالها في مطلق اللزوم من غير ترتب ، بل مع عكسه ، كما في قولنا : إن عوفي زيد فقد استعمل الدواء ، وإن أفطر فهو مريض.