ولذا لا إشكال ظاهرا في بناء الفقهاء وأهل الاستدلال على ظهور الشرطية في القضايا الشرعية في كون الشرط موضوعا للحكم الذي يتضمنه الجزاء ، بمعنى كونه سببا في فعليته بضميمة الجعل الشرعي الكبروي له. ومن ثم يكفي التعبد به ظاهرا في التعبد بالحكم ، ولا يبتني على الأصل المثبت ، وذلك لا يتم بمجرد اللزوم من دون علية.
وأما ما عن بعضهم من كون الأسباب الشرعية معرفات فلا يبعد كون المراد به أنها معرفات لفعلية الملاكات الداعية لجعل الحكم ، لملازمة موضوع الحكم لفعلية ملاكه في قبال كونها بنفسها ملاكات للأحكام ، أو أنها معرفات للجعل الشرعي الفعلي الذي هو السبب التكويني للحكم ، في قبال كونها أسبابا حقيقية تكوينية له ، لا أنها معرفات عن الموضوعات من دون أن تكون موضوعات حقيقية.
كما أن المراد بالعلية ليست هي العلية التامة ، لتكون أخص وتحتاج إلى إثبات زائدا على إثبات الترتب ، لعدم الإشكال في عدم دلالة الشرطية عليها ، كيف والأحكام الشرعية أهم أجزاء علتها جعل الشارع لها ، ولا يؤخذ شرطا في القضايا الشرطية المتكفلة ببيانها إلا موضوعاتها التي هي شروط فعليتها.
فالمتعين كون المراد بالعلية في المقام هو الأعم من العلية التامة وتتميم العلة ، لأن ذلك هو المستلزم لوجود الجزاء عند وجود الشرط.
الرابع : كون العلية بنحو الانحصار. وقد وقع الكلام بينهم في ظهور الشرطية فيه ، وأصرّ عليه غير واحد. ولو تم تعين دلالة الشرطية على المفهوم ، بل سبق أنه يكفي فيه دلالتها على لزوم الشرط للجزاء بنحو لا يتحقق الجزاء بدونه ، فالمهم إثبات اللزوم المذكور. إلا أنه بعد دلالتها على العلية ـ كما سبق ـ يكون اللزوم المذكور مساوقا لكون العلية بنحو الانحصار. وكيف كان فقد استدل له بوجوه ..