ومما تقدم يظهر أن الجزاء لو كان قضية مهملة أو جزئية كان مفاد المفهوم قضية عامة مخالفة له في الإيجاب والسلب. إلا أن يراد بالجزئية الإشارة إلى أفراد خاصة ، فيكون مفاد المفهوم قضية جزئية أيضا موضوعها خصوص تلك الأفراد. لكنه موقوف على عناية وقرينة خاصة.
الأمر الرابع : إذا تعددت الشرطية مع وحدة الجزاء وتعدد الشرط لزم التنافي بناء على ظهور الشرطية في المفهوم ، لأن مقتضى كل شرطية عدم تحقق الجزاء إذا لم يتحقق شرطها وإن تحقق شرط الأخرى ، وهو ينافي إطلاق منطوق الأخرى.
ولا إشكال في ذلك مع عدم قابلية الجزاء للتعدد ، كما في قولنا : إذا خفي الأذان فقصر ، وإذا خفي الجدران فقصر ، وقولنا : إن أنزل الرجل أجنب ، وإن جامع أجنب ، أما مع قابليته له ، كما في قولنا : إن ظاهرت فاعتق رقبة ، وإن أفطرت فاعتق رقبة ، فقد يدعى عدم التنافي ، حيث يمكن تعدد التكليف بتعدد العتق تبعا لتعدد السبب ، فمع تحقق أحد الشرطين يتحقق التكليف التابع له ويكون منوطا به ، دون التكليف التابع للآخر ، فلا ينافي مفهوم الشرطية الأخرى.
لكنه يشكل بأن تعدد التكليف في ذلك لما كان موقوفا على تعدد المكلف به ، بحمله في كل شرطية على فرد من الماهية مباين للفرد المكلف به في الأخرى ، فهو مخالف لإطلاق المكلف به في كل منها ، إذ مقتضى إطلاق المكلف به في كل منها إرادة أصل الماهية الحاصلة بصرف الوجود المستلزم لوحدة التكليف ، فيلزم التنافي بين الشرطيتين بالتقريب المتقدم.
ومما ذكرنا يتضح أنه يكفي في التنافي أن تكون إحدى القضيتين شرطية والأخرى حملية دالة على ثبوت جزاء الشرطية في غير مورد الشرط ، بل يكفي