الثالث : أن التكليف وإن كان تابعا لفعلية الخطاب به تبعا لفعلية موضوعه ، إلا أن الظاهر ـ تبعا للمرتكزات العقلائية ـ أن موضوع الطاعة والمعصية والتقرب والتمرد هو فعلية الغرض ، بمعنى بلوغه مرتبة الداعوية ، بحيث يهتم المولى بحفظه تشريعا ، وإن لم يكن التكليف فعليا لوجود المانع من فعلية الخطاب به ، كما في موارد التزاحم. ومن ثم ذكروا عدم جواز تعجيز المكلف نفسه عن امتثال التكليف قبل دخول الوقت فضلا عما بعده ، كما ذكرنا في مبحث التزاحم عدم جواز فعل ما يؤدي إلى تزاحم التكليفين وتعذر امتثال أحدهما ، مع وضوح أن الباقي مع التعجيز والتعذر ليس إلا الملاك دون التكليف ، وذكروا في مسألة الضد أن سقوط أمر المهم لمزاحمته بأمر الأهم ـ بناء على عدم ثبوت الأمر الترتبي ـ لا يمنع من مشروعية التقرب بلحاظ ملاكه. ويترتب على ذلك ثمرات عملية مهمة أشير إليها في مباحث التزاحم استوفينا الكلام في كثير منها في مسألة الضد ومباحث التعارض.
بل لا إشكال في حسن تحصيل الغرض المذكور مع غفلة المولى عنه ـ لو كان ممن يمكن منه الغفلة ، كما في الموالي العرفيين ـ وكفايته في التقرب إليه. بل لزوم تحصيله لو كان لزوميا ، وعدم صحة الاعتذار بعدم فعلية الخطاب به. نعم ، لا مجال لذلك مع انحصار الغرض بالامتحان ، لأن غفلة المولى مساوقة لعدم فعلية غرضه المذكور ، لتقوم الامتحان بالقصد ، فلا موضوع للامتثال والتقرب حينئذ.
الرابع : لما كان الفرق بين الحكم الإلزامي وغيره بزيادة حدّ في الإلزامي يستتبع المسئولية بالإضافة للجهة التي يبتني الخطاب على ملاحظتها ، مع اشتراكهما في المشروعية والانتساب للمولى ـ كما سبق ـ كان الحكم الاقتضائي غير الإلزامي موجودا بذاته في ضمن الحكم الإلزامي وإن لم يكن موجودا بحدّه المميز له ، وحينئذ فالمرتكزات العقلائية قاضية بأنه كما يكون للحاكم رفع