الفصل الثالث
في مفهوم الغاية
وقع الكلام في أن التقييد بالغاية هل يدل على انتفاء الحكم بحصولها ، أو لا؟. وقد ذكر غير واحد أن الغاية تارة : تكون قيدا للحكم وأخرى : تكون قيدا للموضوع. وبنوا على ذلك الكلام في المفهوم في المقام. وينبغي الكلام في التقسيم المذكور مقدمة للكلام في المفهوم ، فنقول :
الظاهر أن المراد بالأول رجوع الغاية للنسبة التي يتضمنها الكلام ، لا للمحمول ، ففي قوله عليهالسلام : «كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر» وقولنا : كل مسافر مستوحش حتى يجد رفيقا ، يكون المراد استمرار النسبة إلى حصول الغاية ، لا الحكم بحصول الطهارة والوحشة المستمرتين إلى حصول الغاية.
فإن لازم الثاني توقف صدق القضية على حصول الغاية ، لأن صدق الحملية كما يتوقف على تحقق المحمول يتوقف على تحقق قيوده. وليس كذلك على الأول ، لعدم توقف صدق القضية على تحقق قيود النسبة التي تضمنتها من شرط أو غاية أو ظرف أو غيرها.
غاية الأمر أنه لا بد من مطابقة النسبة في ظرف تحققها لنحو قيدية القيد ، فتتحقق النسبة مع تحقق الشرط والظرف ومع عدم تحقق الغاية ، وترتفع في غير ذلك أو تكون مسكوتا عنها ، على الكلام في ثبوت المفهوم للقيود المذكورة وعدمه.
وحيث لا ظهور للقضية في تحقق الغاية ، ولذا لا تكذب مع عدم تحققها ، لزم رجوعها للنسبة. وما يظهر من بعض عباراتهم من أنها قد ترجع