وقيل : إنها غير محصورة ، بل كل ما ليس بحكم تكليفي فهو حكم وضعي. ولا طريق لنا لتحديد المصطلح المذكور بعد عدم الوقوف على مبدئه ومنشئه.
نعم ، حيث كان سبب البحث فيها هو الاختلاف في حقائقها ، وهو لا يختص بما سبق ، فالمناسب تعميم البحث لكل ما ليس بحكم تكليفي ، بل لا بأس بتعميم المصطلح له ـ كما سبق منا ـ تبعا لعموم الغرض المصحح للاصطلاح ، وهو الخلاف في حقيقة هذه الأحكام. وعلى هذا جرى المتأخرون.
الأمر الثالث : الكلام في حقيقة الأحكام الوضعية ليس في تحديد مفاهيمها تفصيلا ، لعدم تيسر ذلك ، بسبب كثرتها وبساطة مفاهيمها وارتكازية بعضها بالنحو غير القابل للشرح ، مع أنه لا أثر لذلك ، فلو أشير إلى ذلك في بعضها فهو استطراد خارج عن محل الكلام. بل الكلام إنما هو في جعلها شرعا ، بحيث يكون لها بسبب
الجعل الشرعي نحو من الوجود الصالح لأن يترتب عليه الأثر العملي ، لما يترتب على البحث في ذلك من الأثر المهم ، وهو إمكان التعبد بها ظاهرا عند الشك فيها.
وتوضيح ذلك : أن من الظاهر أن المصحح للتعبد الشرعي الظاهري هو ترتب الأثر العملي ، بحيث يكون التعبد منشأ لحدوث الداعي العقلي للعمل ، ويلغو بدون ذلك ، إما لكونه أجنبيا عن مقام العمل كطيران الطير في الجو وغوص السمك في البحر ، أو لمضي وقت العمل ، كما لو شك المكلف بعد أكل الطعام في حرمته ، أو لتعذر العمل ، كما لو شك في حل أكل ما يتعذر أكله.
كما أنه تقرر في مباحث الأصول العملية أنه لا بد في العمل الملحوظ في مقام التعبد الظاهري من كونه مترتبا بلحاظ القضايا الشرعية ، من دون توسط أمر خارج عنها ، إما لكون الأمر المتعبد به مجعولا للشارع ومنشأ لحدوث