الداعي العقلي للعمل بلا واسطة ـ كالأحكام التكليفية ـ أو لكونه موضوعا ـ في قضية شرعية ـ لحكم شرعي يترتب عليه العمل وإن لم يكن بنفسه مجعولا للشارع ، كالوقت الذي هو موضوع لوجوب الصلاة.
إذا عرفت هذا ، فيقع الكلام هنا في أن الحكم الوضعي هل له بمفهومه نحو من الوجود الاعتباري مستند للشارع ، ليمكن التعبد الظاهري به نفيا أو إثباتا بلحاظ كل من العمل المترتب عليه بلا واسطة والمترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي ، أو أن له نحوا من الوجود لا يستند للشارع ، فلا يمكن التعبد به إلا بلحاظ العمل المترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي ، دون المترتب عليه بلا واسطة ، أو أنه لا وجود له أصلا يكون به موضوعا للأحكام الشرعية ، فلا يترتب عليه العمل بنفسه ولا بواسطة الحكم الشرعي ، فلا يمكن التعبد به أصلا.
الأمر الرابع : قد يعبر في كلام أهل الفن عن المفهوم المتقرر تارة : بالأمر الحقيقي. وأخرى : بالأمر الاعتباري. وثالثة : بالأمر الانتزاعي.
ولا إشكال في المراد بالأمر الحقيقي وأنه عبارة عما له ما بإزاء في عالم التكوين والخارج ، كما أن وجوده يستند لأسبابه التكوينية من دون دخل للجعل التشريعي والاعتباري فيه. ووضوح ذلك يغني عن إطالة الكلام فيه. والمهم إنما هو الكلام في الأمر الاعتباري والأمر الانتزاعي ، حيث وقع في كلام بعضهم الخلط بينهما ، للاشتباه في المفهوم والمصداق ، فلا بد من بيان المقوم لكل منهما ، فنقول :
أما الأمر الاعتباري فهو المفهوم المتقرر عند العرف أو عند الشارع ـ إمضاء لما عند العرف أو تأسيسا ـ الذي له نحو من الوجود تابع ثبوتا لجعله تشريعا ، والبناء عليه ممن بيده الأمر ، ومسبب عنه ، من دون أن يكون له ما