المقصد الرابع
في العام والخاص
تمهيد
جرى المتأخرون على فصل مباحث العام والخاص عن مباحث المطلق والمقيد. وكأن مبنى الفرق بينهما عندهم على أن العام ما يفيد الشمول والسريان في الأفراد وضعا ، والمطلق ما يستفاد منه ذلك بضميمة مقدمات الحكمة. كما قد يظهر من بعض كلمات القدماء إطلاق العام على ما يكون حكمه شموليا ، والمطلق على ما يكون حكمه بدليا.
لكن الظاهر تداخل جملة من مباحثهما على كلا وجهي الفرق ، كمباحث الجمع بين العام والخاص ، والعمل بالعام قبل الفحص عن المخصص ، وتعقب الاستثناء لجمل متعددة وغيرها ، حيث يكون البحث فيها عن العام من حيثية ظهوره في تساوي الأفراد أو الأحوال بالإضافة إلى الحكم ، من دون فرق بين القسمين.
ولذا كان المناسب تعميم هذا المقصد لكلا القسمين ، بجعل موضوعه العموم والخصوص من الحيثية المذكورة ، مع التعرض عند الكلام فيما يدل على العموم لمنشا ظهور المطلق في الإطلاق ، ولا سيما مع أن استناد دلالة المطلق على السريان لغير الوضع ليس اتفاقيا ، وكذلك دلالة بعض ما عدّ من ألفاظ العموم على العموم بالوضع ـ كالنكرة في سياق النفي والنهي ـ على ما