بإزاء في الخارج تكوينا.
ولا معنى مع ذلك لإنكار وجوده ، إذ إنكار وجوده في عالم الاعتبار خلاف الفرض ، وإنكار وجوده في الخارج لا ينافي المدعى.
وبذلك يكون متوسطا بين الأمر الحقيقي ـ الذي تقدم بيانه ـ والأمر الادعائي المحض الذي لا يكون له تقرر ووجود ـ لا عرفا ولا شرعا ـ وراء الادعاء مسبب عنه ، كما في موارد الاستعارات والمبالغات المبنية على العلاقات المجازية ونحوها ، كادعاء أن الرجل الشجاع أسد ، وأن المطلقة رجعيا زوجة ، والمزوجة متعة مستأجرة.
هذا ، وقد يقع الاعتبار في كلماتهم مرادا به مطلق الانتزاع الذهني وإن كان تخييليا. لكنه لا يحكي عن مصطلح في قبال ما تقدم.
ثم إن الغرض المصحح لاختراع المفهوم الاعتباري والبناء عليه في عالم الاعتبار ، مع عدم التقرر له في الخارج ، هو تنظيم الأحكام والآثار العملية المناسبة له التابعة لمن بيده الاعتبار من شرع أو عرف ، فكما كان له جعل الأحكام كان له اختراع موضوعاتها وتنظيمها.
لكن لا بمعنى تقوم مفهوم الأمر الاعتباري بخصوص بعض الأحكام ، ليلزم ارتفاعه بارتفاعها ، بل بمعنى كون اعتباره لأجل تحديد الموضوع الصالح لها في الجملة وإن لم تجعل.
نعم ، قد يتقوم بعض الأمور الاعتبارية بالعمل ويلغو بدونه ، كالحجية بناء على أنها من المجعولات الاعتبارية.
وأما الأمر الانتزاعي فهو مأخوذ من الانتزاع الذي يراد به استحصال العنوان من الجهة المقومة لمفهومه ، وتشترك في ذلك جميع العناوين ، فالعناوين الذاتية تنتزع من مقام الذات ، والعرضية تنتزع من الذات بلحاظ